القذافي؛ مسيلمة العصرالمبحث الخامس؛ وقفات على كتاب "القرية القرية... الأرض الأرض... وانتحار رائد الفضاء"لقد ملأ القذافي خطاباته سخرية واستهزاء بالكثير من تعاليم هذا الدين، وبإطلالة سريعة على كتابه الأخير، وهو بعنوان "القرية القرية... الأرض الأرض... وانتحار رائد الفضاء"؛ يتبين لنا هذا الأمر، حيث استغل القذافي الجانب الأدبي لتحقيق مآربه ونفث سمومه، ويجزم القارئ الفطن بأن القذافي تعمد اظهار هذا الكتاب بالشكل القصصي بعد ان ملأه كفراً وزندقة حتى لا يُحاسب على ألفاظه وتعبيراته الشيطانية، بحجة ان ذلك أسلوب من الأساليب الأدبية المتبعة في الكتابة كما يفعل شعراء الحداثة!!
وقبل ان نسوق بعض الأمثلة، نحيط القارئ علماً بأن مجلة "ليفنمان دوجودي" الفرنسية قامت بعرض هذا الكتاب على طبيب نفساني شهير، فكان تحليله كالتالي: (ان هذا الكتاب يصلح لتدريسه لطلاب الطب النفسي، كونه يجمع كل عناصر هستيريات جنون العظمة، وصاحبه يعاني من مرض احباط جنوني، أي هستريا جنون العظمة)!
وها نحن نذكر بعض الأمثلة الظاهرة الواضحة في الكتاب، ناصحين الأخ المسلم ان يرجع بنفسه إلى الكتاب المذكور حتى يرى بأم عينيه خبث هذا الباطني اللئيم وكفره.
<span>ففي قصة؛ "الفرار إلى جهنم":</span>
يصف القذافي كيف فر إلى جهنم، وكيف تمكن من المنام في قلبها مرتين، وان اجمل ليلتين في جياته، هما اللتان قضاهما في قلب جهنم، وان الطريق إليها ليس كما يصفه الدجالون - يقصد العلماء والمشايخ وربما الأنبياء - الذين يصورونها لنا من خيالهم المريض على حد تعبيره.
يقول القذافي: (وقفت لاسلك اقصر الطرق إليها، واختار أقربها إلى قلبها... ولعلي اسمع لها زفيراً، ولكن جهنم ساكنة تماماً، وهادئة للغاية، وثابتة كالجبال التي حولها، ويحوطها سكون عجيب ويلفها وجوم رهيب... لم أر لهباً ولكن الدخان فقط يُخيم فوقها... انحدرت نحوها بشوق مسرعاً في الخطى قبل مغيب الشمس، أملاً في الحصول على مرقد دافئ في قلبها... لجهنم شعاب مظلمة ووعرة... يخيم عليها الضباب وحجارتها سوداء محروقة منذ اقدم الزمان) [119].
وتعليقاً على هذا الهراء، نقول لمسيلمة العصر؛ إنك ستراها إن مت على ما أنت عليه، وستدخلها، ولكنك ستجدها كما وصفها رب العالمين سبحانه وتعالى؛ حامية ذات لهب وذات زفير.
<span>وفي قصة "الموت":</span>
يتساءل القذافي؛ هل الموت ذكر أم انثى، ثم يرجح انه ذكر، ويقول: (وأنا من خبرتي ومصائبي من الموت تأكدت من هذا... فالموت ذكر مهاجم دائماً، ولم يكن في حالة دفاع حتى ولو هزم، وهو شرس وشجاع، ومخادع جبان في بعض الأحيان، ولموت يُهزم ويُرد على اعقابه خاسراً مدحوراً، ليس كما يظن انه ينتصر في كل هجوم، كم من معركة مقارعة وجهاً لوجه، خارت فيها قوى الموت وتراجع مثخناً، وولى منهزماً... فهو يخطئ ويصيب، ويقضي ويفشل، ويهجم ويُهزم) [120].
ثم يصف الموت بانه مرواغ ومتلون ومتقلب وقادر على التقمص والانتحال وجبان ويطعن في الخلف ويقرص من الرجل ويغوص في التراب وهو حية خبيثة وهو غبي وهو الواثق المغرور.
ثم يصور المعركة الدائرة بين الموت وابيه، وكيف كان أبوه يصد الموت الذي يكيل ضرباته من أجل القضاء عليه، ثم: (ان أبي يطول عمره... والموت يطول عمره... أبي يستمر عناده... والموت لا يتوقف عن اصطياده) [121].
ويتابع قائلاً، فيقول: (فعليكم بمقاومة الموت لاطالة أعماركم، مثل أبي الذي لم يستسلم له يوماً، وقاتله دون خوف منه حتى بلغ مئة سنة، برغم أنف الموت الذي أراد أن ينهيه في الثلاثين) [122].
فابوه طال عمره رغم أنف الموت، ورغم قدرة الله، تعالى الله عما يقول الزنادقة علواً كبيراً.
<span>وفي قصة "ملعونة عائلة يعقوب، ومباركة أيتها القافلة":</span>
يبتدئ بتعريف المقصود بـ "عائلة يعقوب"، وانها هي عائلة النبي يعقوب عليه السلام، وان ابنها يوسف نبي الله الأمين على خزائن الأرض، ثم يُعرف القافلة بانها التي أخرجت يوسف عليه السلام من غيابات الجب، ثم يبداً سيل الاتهامات واللعن والتحقير.
فيقول أخزاه الله: (لتعلم أنهها ملعونة عائلة يعقوب، وانها ليست جيدة ولا مباركة... تلك هالة مزيفة خُلقت حولها... وتمجيد في غير محله لعائلة يعقوب التي لا تستحقه... ملعونة عائلة يعقوب، حتى وان كان جدها اسحاق وابنها يوسف، انها من أحط العائلات واشدها كفراً ونفاقاً... انها حَرية بالخزي والتحقير... ملعونة عائلة يعقوب، كذابة وغادرة وخائنة... فهي اصلاً عائلة مجهولة، محتقرة، وضيعة، وتابعة، تسكن البادية- كما هو مذكور في القرآن - وهي عائلة بطبيعة حالها من الرعاء) [123].
ويختم هذا الزنديق سبه وشتمه لعائلة يعقوب عليه السلام بقوله: (حمداً لله الذي كشف لنا عائلة يعقوب عليه السلام في القرآن الكريم، واتضح انها لم تكن حفيظة على يوسف، بل كانت نكيد له كيداً وتمهله رويداً، فهو يبني لها مجداً وهي تحفر له جباً، ان أبناء عائلة يعقوب خبثاء وتافهون) [124].
ومن الواضح أن هذا الشتم واللعن ينافي ما جعله الله شرطاً في الغيمان بالأنبياء، وهو توقيرهم والتأدب معهم، وقد مر معنا ان حكم من سب نبياً من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام أو لعنه أو انتقصه فهو كافر بالإجماع.
قال ابو حنيفة رحمه الله: (من كذب بأحد من الأنبياء أو تنقص أحداً منهم أو برئ منه فهو مرتد) [125].
<span>قصة "دعاء الجمعة الآخرة":</span>
وقد ملأ القذافي هذه القصة بالاستهزاء والسخرية من كثير من اعتقادات المسلمين، وعلى رأسها التوجه بالدعاء إلى الله عز وجل، كما سخر من الكثير من علماء المسلمين كابن تيمية وابن كثير، والحركات الإسلامية والمعاصرة، وبعض مفكريها كالاستاذ سيد قطب رحمه الله وكتابه القيم "في ظلال القرآن" الذي نال نصيباً وافراً من سب وسخرية واستهزاء القذافي.
يقول: (المهم ان ابناء هذه الأمة قد لفتوا انتباه الشباب لهذا السر الخطير وسهروا الليالي الطوال في البحث العلمي، حيث نقبوا بطون الكتب الصفراء، واكدوا لنا ان الدعاء في الجمعة الآخرة من رمضان كفيل بافشال كافة المخططات الجهنمية المعادية، وابطال مفعول علوم العصر... المهم حفظ هذا الدعاء الذي سيأتي نصه في هذا المقال... وبشرط ان تشترك في اللج به ألسنة كل المسلمين في المناطق التي ذكرت عدا المستثناة، أما الدعاء فهو؛ "فهم لا يبصرون" ألف مرة في الدقيقة يوم الجمعة الآخرة من رمضان مع كلمة آمين، هذا الدعاء صحيح مجرب، فهو قادر على جعل اليهود لا يبصرون الأهداف الحيوية للعرب... اما التعويذة الأخرى فهي مجرد قراءة كتاب "في ظلال القرآن") [126].
ثم يستهزئ ببعض السنن، وببعض الكتب المؤلفة في بعض المسائل الشرعية... ويُضيف في استهزاء واضح وكفر ظاهر: (... اما الذي يريد توحيد الأمة العربية لكي تقوى وتتقدم على العدو، فعليه ان يردد وراء الإمام في نفس الجمعة المذكورة؛ "اللهم ان ضعفنا لا يخفى عليك وأمرنا بين يديك، وانك تعلم اننا لا نملك خاتم شبيك لبيك، وتعلم ان اليهود والنصارى صعدوا بصورايخهم وأقمارهم إليك... ونحن لا نجاريهم في كفرهم هذا بغزو الفضاء ونتوسل إليك...) [127].
ويختم القصة بهذا الدعاء: (اللهم أهد المسلمين إلى طريق الحق، وجاهدهم في بعضهم بعضاً، واجعلهم يكفر بعضهم ببعض، ويهجر بعضهم بعضاً، ويقتل بعضهم بعضاً، حتى يتحالفوا مع أهل الكتاب، انك مجيب، فوحدنا تحت راية واشنطن وتل آبيت، واجعلهم هم وأولادهم ونسائهم وأموالهم غنيمة للمسلمين، مع ضمان توزيع هذه الغنائم توزيعاً عادلاً، لا يسار ولا يمين... آمين) [128].
وما يقال في هذه القصة يقال في القصة التي تلتها والتي هي بعنوان "وانتهت الجمعة جون دعاء"، حيث ملأها كأختها استهزاءً وسخرية وتهكماً وكفراً، وختمها بوصف الحركات الإسلامية بانها "مجوسية باطنية"، والأمر كما يقول المثل؛ رمتني بدائها وانسلت!!
[<span> </span>
119] كتاب؛ "القرية القرية... الأرض الأرض... انتحار رائد الفضاء"؛ ص 49 – 50، بتصرف يسير، نشر الدار الجماهيرية للنشر والتوزيع والإعلان بليبيا، الطبعة الأولى؛ 1994.
[120] كتاب؛ "القرية القرية... الأرض الأرض... انتحار رائد الفضاء"؛ ص 65 – 66، بتصرف.
[121] المصدر السابق؛ ص 75.
[122] المصدر السابق؛ ص 79.
[123] كتاب؛ "القرية القرية... الأرض الأرض... انتحار رائد الفضاء"؛ ص 84 – 88، بتصرف.
[124] كتاب؛ "القرية القرية... الأرض الأرض... انتحار رائد الفضاء"؛ ص 88.
[125] الشفا للقاضي عياض، 2/1098.
[126] كتاب؛ "القرية القرية... الأرض الأرض... انتحار رائد الفضاء"؛ ص 106 – 107.
[127] المصدر السابق؛ ص 109.
[128] كتاب؛ "القرية القرية... الأرض الأرض... انتحار رائد الفضاء"؛ ص 111.
من كتاب القذافي مسيلمة العصر..منبر التوحيد والجهاد
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire